الاثنين، 24 مارس 2014

الوقود المتجمد


الوقود المتجمِّد: كنز الميثان العملاق



الوقود المتجمِّد: كنز الميثان العملاق

ثمة سباق دائر الآن لاستغلال أكبر وأغرب احتياطي لوقود حفري في العالم، وهو الميثان المخزن في الهيدرات المجمدة الموجودة في المناطق دائمة التجمد وفي قاع المحيط.الوقود المتجمِّد: كنز الميثان العملاق


كاتيا موسكفيتش>> دورية New Scientist العلمية :

Asian Russia
باحثى معهد دراسة البحيرات من مدينة إيركوتسك ، يسعون وراء كنز — مخبَّأ في قاع بحيرة بايكال — عبارة عن قطع تشبه الثلج تُسمَّى هيدرات الميثان. وإذا وضعتَ لهبًا بجانبها، فسوف تشتعل، وتحرق ما يمكن اعتباره أنظف وقود حفري معروف حاليًّا.

..... على مدار أكثر من عقد، كان العلماء يأتون من جميع أنحاء العالم إلى هذا الركن البعيد من البرِّيَّة الروسية بتمويل من حكومات حريصة على فهم كيفية استغلال هذه الكتل المتراكمة الغريبة. يقول أوليج خليستوف، وهو عالم جيولوجي في معهد دراسة البحيرات: «نستضيف علماء من كل مكان: يابانيين وبلجيكيين وهنود وغيرهم.» يقطع العلماء هذه الرحلة إلى بحيرة بايكال؛ لأن تركيبة هذه البحيرة ذات المياه الهادئة، والطبقة الجليدية التي تغطيها في فصل الشتاء بسمك متر، توفر ظروفًا مثالية لدراسة البلورات الجليدية المتكونة في القاع. وهذا العام، آتت الجهود المبذولة ثمارها أخيرًا، ويدور السباق الآن على كيفية استخراجها. وأيًّا كان مَن سينجح في ذلك، فيمكنه أن يكتشف كنز الطاقة القادم، ويعيد رسم خريطة الطاقة العالمية من خلال هذه العملية.

إذا اطَّلعت على هذه المركبات الصغيرة الغريبة، فلا يمكن أن تتوقع أنها تحمل هذه البشارة. فعندما اكتُشِفت الهيدرات لأول مرة في بداية القرن التاسع عشر، جعلها تركيبها الغريب أكثر من مجرد مركبات مثيرة للفضول في مختبرات الكيمياء: فهو تركيب قفصي يشبه الثلج يحبس بداخله جزيئًا «ضيفًا».

خارج المختبر، يتطلب تكوين هذه المركبات مجموعة فريدة من الظروف. تشقُّ المواد العضوية طريقها إلى المنطقة المائية وتغوص إلى القاع وتتحلَّل إلى عناصرها الأولية. وبينما تتغذى الميكروبات على هذه الوجبة اللذيذة، فإنها تفرز غاز الميثان. عادةً ما تتصاعد فقاعات هذا الغاز إلى السطح، ولكن عندما يكون على عمق كافٍ، فإن الضغط المرتفع ودرجة الحرارة المنخفضة للمياه المحيطة تحجز جزيئات الميثان في سجون مائية وتحبسها في الرواسب. وتبدو النتيجة مثل حلوى مثلجة معكرة.

علينا إيجاد وسيلة لفتح تلك الأقفاص الصغيرة، وما سيخرج منها لا يختلف عن الأشياء التي نستخرجها من الآبار التقليدية والمستودعات الصخرية: غاز طبيعي قابل للاشتعال عديم الرائحة؛ وهو الميثان.

وعلى الرغم مما يشاع عن الميثان، فإنه في شكل الهيدرات قد يكون أنظف أنواع الوقود الحفري. صحيح أن الميثان غير المحترق له تأثير دفيئة أعلى بكثير من ثاني أكسيد الكربون، لكنه يبقى في الغلاف الجوي لوقت أقل. وعند حرقه، يُطلق أيضًا كميات من ثاني أكسيد الكربون أقل من الفحم والنفط، وتقريبًا لا يترك أي رماد ولا زئبق. وربما قد توجد مبالغة في مشاكله الأخرى (انظر الجزء المعَنْوَن ﺑ «وقود أنظف»).

وتوجد تراكمات هيدرات الميثان بكميات تجعل كل احتياطيات الوقود الحفري الأخرى تبدو ضئيلة. فيوجد ما يقدر ﺑ ١٥١٠ إلى ١٧١٠ متر مكعب من غاز الميثان المخزن بهذه الطريقة على مستوى العالم؛ أي ما يكافئ الحجم الكلي للغطاء الجليدي في جرينلاند. كما يحتوي على ضعف كمية الطاقة الموجودة في احتياطيات أنواع الوقود الحفري الأخرى في العالم مجتمعة، وذلك وفقًا لتقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.

فلماذا إذن ظلت عمليات استغلال كنز الوقود ذلك حبيسة الأدراج لفترة طويلة؟ إن استخراج غاز الميثان من قفصه سهلٌ بشكل كبير من الناحية النظرية. فإذا تمت زيادة درجة الحرارة أو تخفيض الضغط، فإن هيدرات الميثان «ستذوب مثل السكر في فنجان الشاي»، وذلك وفق تعبير خليستوف.

ولكن عمليًّا، تشتبك مجموعة معقدة من العوامل السياسية والاقتصادية واللوجستية في عملية استخراجه؛ فعلى سبيل المثال، لا تزال الخصائص الدقيقة للهيدرات المائية غير مفهومة تمامًا. فتتوافر الظروف المناسبة للحصول على الميثان في قفصه المائي في ثلاثة أنواع من «المناطق المثالية» الجغرافية: المناطق دائمة التجمد في سيبيريا وأمريكا الشمالية وفي قاع البحر بالقرب من الشواطئ الباردة، والرواسب على مسافة ١٠٠–٣٠٠ متر تحت قاع المحيط (انظر الخريطة). ويتطلب تحديد مكانها بدقة أدوات قياس واسعة النطاق، بما في ذلك التصوير الزلزالي.

مع ذلك، يمثِّل العثور على هيدرات الميثان المشكلة الأولى فقط من مشاكل عديدة. واستخراجها أيضًا يمثل تحديًا. فعلى سبيل المثال، يتضاعف حجم الغاز إلى ١٦٠ ضعف حجمه الأوَّلي في الوقت الذي يصل فيه إلى السطح، الأمر الذي يمكن أن يحطم بعنف معدات الحفر الأساسية.

تشير هذه المشكلات إلى واقع أكثر عمقًا: تدرس برامج حكومية وأكاديمية عديدة هيدرات الميثان منذ بدايات ثمانينيات القرن العشرين، ولكن لم تسعَ أي دولة منها بشكل حثيث لاستغلال هذا المورد. فيجب أن يكون لاستغلال هذا المورد فائدة كبيرة من الناحية الاقتصادية. ويشير كريستيان بيسون — أحد كبار المحللين في وكالة الطاقة الدولية — إلى أن ذلك يعتمد على تكلفة الإنتاج ومدى الطلب. وتوافر الموارد الأسهل — الغاز الصخري والآبار التقليدية والرمال النفطية — يعني أن تطوير المعدات والبنية التحتية وغيرها من التكنولوجيا اللازمة لجعل هيدرات الميثان منافسة لها ليس أمرًا يستحق العناء.

تغيَّر كل ذلك هذا العام؛ ففي الثاني عشر من مارس، أُضيئت شعلة نار في مؤخرة السفينة «شيكيو»، وهي سفينة حفر بحثية متمركزة على بعد ٥٠ كيلومترًا جنوب شرق الجزيرة اليابانية الرئيسية. وأصبح الفريق على متن السفينة — الذي يمثل شركة النفط الحكومية والتي تسمى «المؤسسة الوطنية اليابانية للنفط والغاز والمعادن» — أول مَن يحصل على غاز متدفق من أماكن تواجد هيدرات الميثان في اليابان بنجاح، وذلك جزئيًّا بفضل الدروس المستفادة من التجارب العلمية التي أُجريت في بحيرة بايكال.

كان لدى اليابان سبب قوي للسعي نحو استخدام هيدرات الميثان؛ فمنذ إغلاق معظم مفاعلاتها النووية قبل عامين، وبعد تسبُّب أحد الزلازل وتسونامي في حدوث كارثة في محطة فوكوشيما للطاقة، اعتمدت البلاد على الغاز الطبيعي المُسال المستورد من دول مثل قطر وبروناي. وفي العام الماضي، بعد أن تسبَّبت واردات الطاقة في اليابان في عجز مالي كبير، عجَّلت اليابان من وتيرة برنامج هيدرات الميثان الذي تحاول تنفيذه منذ عقود.

مورد الطاقة الجديد المتاح لليابان هائل؛ إذ قدَّر الباحثون في المؤسسة الوطنية اليابانية للنفط والغاز والمعادن في عام ٢٠٠٨ أن ١٫١ تريليون متر مكعب من هيدرات الميثان تكمن تحت حوض نانكاي الشرقي، وهي تكافئ على الأقل قيمة واردات الغاز الأجنبي لعقد من الزمان.

ساعدت الأبحاث التي أُجريت على بحيرة بايكال بالفعل اليابان في تحديد البصمات الزلزالية للأنواع المختلفة من هيدرات الميثان. وحتى إذا كانت مدفونة في الرواسب على بُعد مئات الأمتار تحت قاع المحيط، يمكن تحديد مكان تواجد الهيدرات عن طريق سرعات الموجات الصوتية العالية المميزة لها؛ مما يجعل من السهل استخراجها.

استخراج الميثان
يستخدم الفريق الياباني الأساليب التقليدية لاستخراج غاز الميثان، والتي تشتمل أولًا على إنزال أداة حفر لمسافة حوالي ألف متر إلى قاع حوض نانكاي الشرقي، ثم حفر ٣٠٠ متر أخرى في الصخر وتجفيف المياه من طبقة الهيدرات لخفض الضغط في مكان الترسب وتحرير غاز الميثان. ويمكنهم بعدها ضخُّه نحو السطح.

يعترف باحثو المؤسسة الوطنية اليابانية للنفط والغاز والمعادن بأنهم «بحاجة إلى أن تكون لديهم معرفة أكثر بالأمر» قبل بدء الإنتاج على نطاق تجاري، ولكن نجاحهم الأوَّلي — ٢٠ ألف متر مكعب في اليوم لمدة ستة أيام — يجعلهم يتوقعون أن الإنتاج يمكن أن يبدأ في وقت قريب مثل عام ٢٠١٨.

لا يؤمن الجميع بهذا التقدير الزمني. فيقول باسل أسمر، وهو محلل في مجال النفط والغاز في شركة «آي إتش إس»، وهي شركة استشارية في مجال الطاقة مقرها في إنجلوود بكولورادو: «لديهم الغاز، ولكن لا توجد بنية تحتية حتى الآن، فلا توجد خطوط أنابيب في تلك المنطقة من المحيط.» ويرى أنه لن يكون لهيدرات الميثان مكانة قبل عقدين على الأقل.

ومع ذلك، يمكن لنوع مختلف من هيدرات الميثان تغيير المعادلة؛ ففي عام ٢٠٠٠، اصطادت سفينة الصيد الكندية «أوشن سيليكتور» صيدًا غريبًا بالقرب من جزيرة فانكوفر. اكتشف الطاقم المندهش أن السفينة قد «اصطادت» أكثر من طن من القطع التي تشبه قطع الثلج، والتي اتضح أنها هيدرات الميثان.

ليس كل مخزونِ هيدرات الميثان موجودًا في المناطق دائمة التجمد أو الرواسب العميقة في قاع المحيط. ففي بعض الأماكن، تتوافر عند قاع البحر أو بالقرب منه، متناثرة في الأرجاء مثل أكوام الثلج. وعلى النقيض من الهيدرات الرسوبية — التي حجمها صغير جدًّا، ولكنها وفيرة — لا تتطلب هذه الهيدرات حفرًا في الرواسب. فيمكن جرفها بسهولة، مما يجعل تحويلها إلى وقود قابلٍ للاستخدام أسهلَ من الناحية النظرية.

كانت تلك الهيدرات هي التي لفتت انتباه شينيا نيشيو، وهو عالم في شركة «شيميزو كوربوريشن» اليابانية، والذي كان يعمل ضمن برنامج الحفر العميق التابع للمؤسسة الوطنية اليابانية للنفط والغاز والمعادن. كانت الأبحاث السابقة في بحيرة بايكال قد أشارت إلى أن هيدرات الميثان توجد في «مناطق التسربات الباردة» حيث تتسرَّب المياه المشبعة بالغاز لأعلى من الصدوع. الأمر الذي كان أقل وضوحًا هو ما إذا كانت تحتوي على كميات قابلة للاستخدام من غاز الميثان. لذلك قاد نيشيو في عام ٢٠٠٨ رحلة استكشافية للعثور على إجابات من قاع بحيرة بايكال.

وباستخدام سفينة أبحاث مقترَضة من معهد دراسة البحيرات، بدأ الفريق الروسي الياباني مسحه لأعماق البحيرة. وعلى عمق حوالي ٤٢٠ مترًا، وجدوا المورد الرئيسي: كتلًا ثلجية كبيرة من الهيدرات البيضاء كالثلج. ولاختبار محتواها من الميثان، أنزل الفريق ما كان يبدو في الأساس كعصا عملاقة موصول بها مجرفة. ويقول خليستوف: «جمعنا حوالي ١٫٥ متر مكعب من الميثان في ٤٠ دقيقة. ليس ذلك بكثير، ولكن ما فاجأ اليابانيين هو أنهم كانوا على ما يبدو لا يفعلون أي شيء، فقد شغَّلوا المضخات فحسب وبدأ الغاز في التدفق.» لم يتطلب الأمر حفرًا.

ولدى عودته إلى اليابان، بدأ نيشيو التنقيب عن هذا النوع من الهيدرات، واكتشفت شركة «شيميزو كوربوريشن» بعضها في بحر أوخوتسك وبحر اليابان. ويقول نيشيو: «يجب أن توفَّر الموارد الكافية لاستكشاف هذا النوع من الهيدرات.» مضيفًا أن الاختبارات في سيبيريا ستمهد الطريق لمزيد من الدراسات في بلده.

هذا الادعاء مثير للجدل، لأسباب ليس أقلها أن طريقة الجرف تطرح مخاوف بيئية. ويشير خليستوف إلى أن الجرف أرخص من الحفر، ولكن جمع مخزون هيدرات الميثان من بحيرة بايكال نفسها غير وارد على الإطلاق؛ لأن الجرف قد يضر الحياة المائية في هذا الموقع التراثي العالمي. فهل يضرُّ أيضًا النظم البيئية حول اليابان؟ يجيب تيموثي كوليت من هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية: «من الصعب أن تتم الموافقة على التنقيب في قاع البحر في أي جزء من العالم.»

يرى كوليت أنه بغضِّ النظر عن المورد الذي يستغلونه، فإنه من الواقعي أن نتوقع أن يكون لدى اليابان عمليات تنقيب كبيرة على المستوى التجاري خلال هذا العقد. فللجدول الزمني السريع سوابق تؤكده. فيقول: «قبل خمس أو ست سنوات كان يُنظر للغاز الصخري أيضًا بالكاد على أنه مورد محتمل للطاقة. والآن يهيمن ويسيطر على أسعار الغاز.» ويمثل الغاز الصخري محلي الإنتاج الآن أكثر من ٢٠ بالمائة من إنتاج الغاز في الولايات المتحدة، وهو الذي غيَّر علاقتها مع البلدان المصدِّرة للطاقة. كما يقول: «يمكن أن يحدث هذا أيضًا مع الهيدرات.»

كذلك تهتم دول أخرى بهيدرات الميثان؛ فالهند — التي هي أيضًا حريصة على الاستقلال في مجال الطاقة — لديها مخزون بحري من هيدرات الغاز يقدر بحوالي ١٫٩ تريليون متر مكعب، وتُجري عدة زيارات إلى بحيرة بايكال. قام باندارو رامالينجيسوارا راو من المعهد الوطني لعلوم المحيطات في جوا، بزيارة البحيرة في عام ٢٠٠٤. ويقول: «إن رسم الخرائط الجيوفيزيائية الذي قمنا به هناك ساعدنا في تحديد مخزون هيدرات الغاز في الهند.» وبعد فترة وجيزة، وُظِّف في مشروع بحثي حكومي لهيدرات الغاز في الهند. واعتمادًا على النتائج التي توصَّل إليها على نحو جزئي، قررت الهند أن تبدأ التنقيب عن الهيدرات الرسوبية الموجودة في قاع خليج البنغال. وكذلك تُجري كوريا الجنوبية والصين أيضًا أبحاثًا حول هيدرات الميثان.

لن تكون اليابان مصدر إلهام للجميع لتطوير مواردها من هيدرات الميثان؛ فبسبب ازدهار إنتاج الغاز الصخري، قلَّصت كندا وروسيا والولايات المتحدة من برامجها في هذا الشأن. ومع ذلك، حتى لو أوصل بلدٌ واحد عملياته إلى المستوى التجاري بنجاح، فإن أصداء ذلك ستغيِّر خريطة الطاقة العالمية، وذلك وفق تعبير كيمبل تشن الذي يدير شركة «إنرجي ترانسبورتيشن جروب»، التي تقدم المشورة للحكومات بشأن السياسة الجغرافية للغاز الطبيعي. فيقول: «إذا بدأتِ اليابان في استخراج هيدرات الغاز، فستخسر روسيا أسواق التصدير للغاز الطبيعي المسال في الشرق الأقصى، وبعد ذلك لن يتبقى سوى الصين.» وإذا تبعت الصين اليابان في ذلك الأمر، فسوف يتضاعف الأمر بسرعة. وربما يحطم مصدر الطاقة الجديد محاولات أستراليا الوليدة في أن تصبح مورِّدًا للطاقة الآمنة من ناحية السياسة الجغرافية لدول مثل الهند والصين.

الأكثر من ذلك هو أن اليابان قد لا تحتاج حتى للوصول بمواردها إلى المستوى التجاري؛ فمجرد وجود تهديد بالاستقلال في مجال الطاقة يمكن أن يكفي للتسبب في هذه الآثار العالمية الكبيرة. يقول تشن: «مجرد القدرة الفعلية على استخراج الهيدرات ستعطي اليابان قوة تفاوضية. وإذا علمتْ دول الشرق الأوسط أن اليابان يمكنها استخراج الهيدرات بتكلفة معينة، فستصبح تلك التكلفة السعر الجديد.»

تتوازن أسواق الطاقة العالمية، المعرضة دائمًا للتأثيرات، على حافة سكين. يمكن أن يتغير كل شيء عن طريق سفينتين من سفن الأبحاث الروسية العائمتين بخمول على مياه بحيرة بايكال المتلألئة في فصل الصيف، في انتظار مهمتهما المقبلة.

وقود أنظف
توجد مخاوف من أن التركيز على هيدرات الميثان قد يصرف انتباه اليابان بعيدًا عن التكنولوجيات النظيفة. وبالمثل، ربما تحيد الهند — حيث الرياح الآن تنافس الفحم — عن مسار مصادر الطاقة النظيفة.

لكن يعتقد يوين نيسبت — وهو متخصص في علوم الأرض في كلية رويال هولواي بجامعة لندن — أن القصة أكثر تعقيدًا؛ ففي الوقت الراهن، تعتمد اليابان على الغاز الطبيعي المسال المستورَد من الشرق الأوسط. فيقول: «إنتاج الغاز الطبيعي المسال ثم إعادة تحويله لغاز مرة أخرى للنقل عن طريق السفن يستهلك طاقة كبيرة؛ لذا للأسف، فإن الغاز الطبيعي المسال المستورد مماثل للنفط من حيث تأثير الدفيئة. وإذا أنتجتِ اليابان الغاز من مخزون الهيدرات البحرية المحلية، بدلًا من حرق الغاز الطبيعي المسال أو الفحم، فربما يمثل ذلك مكسبًا لها. أما في الهند، فإن الغاز سينافس الفحم.» ولأن غاز الميثان أنظف من الفحم عند الاحتراق، فيمكن أن يوازن ذلك من انبعاثات الفحم هناك.

وتوجد مشكلة أخرى تجذب الكثير من الاهتمام، وهي تسربات غاز الميثان غير المحترق خلال إنتاج الغاز الصخري. ولكن مرة أخرى، تتفوق هيدرات الميثان على نحو جيد في هذا الأمر؛ فضرر مثل هذه التسربات أقل بكثير تحت الماء. في المياه العميقة في المناطق البحرية سوف تتأكسد تسربات الميثان عن طريق الميكروبات قبل أن تصل إلى السطح. يقول كلاوس فالمان، عالم الجيولوجيا البحرية من جامعة كيل في ألمانيا: «إنها تحب الميثان، وتؤكسده للحصول على الطاقة.» على سبيل المثال، عندما حدث تسرب تسبَّبت فيه منصة استخراج النفط «ديب ووتر هورايزون» التابعة لشركة «بريتش بيتروليوم» في خليج المكسيك، تسربت كميات هائلة من غاز الميثان، ولكنها لم تتمكن من الوصول للسطح.

ربما يساعد إنتاج هيدرات الميثان حتى في حماية البيئة؛ ففي العام الماضي، في تجربة في «نورث سلوب» بألاسكا، أوضحت وزارة الطاقة الأمريكية والمؤسسة الوطنية اليابانية للنفط والغاز والمعادن — وهي شركة الطاقة الحكومية اليابانية — أنه من الممكن تخزين ثاني أكسيد الكربون في الأقفاص الثلجية التي تحبس الميثان بشكل طبيعي. وللقيام بعملية التبادل، أجبر الفريق المياه على الخروج من طبقة هيدرات الميثان المسامية. بعد ذلك، حقن الفريق مخلفات ثاني أكسيد الكربون، وتركوه لعدة أيام لضمان احتلال ثاني أكسيد الكربون مكان غاز الميثان بنجاح. وبمجرد حدوث ذلك، ضُخَّ غاز الميثان إلى السطح.

حدثت عملية التبادل في المناطق دائمة التجمد، ولكن يعتقد فالمان أن العملية نفسها يمكن تطبيقها لتخزين ثاني أكسيد الكربون في مخازن الهيدرات البحرية المُستغلَّة بعد التنقيب عنها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق